الصّيف… الاحتباس الحراري…بلدانُنا العربية… كلها مصطلحات توحي بالحرارة والقيظ، والحاجة الماسة إلى مكيّف هوائي مصغّر تحمله معك حيثما ذهبت، والهلوسة بعصير بارد يطفئ حرّ الظهيرة… لدينا الكثير من الطرق للتحايل على الطقس، لكن ما رأيك في أن نتخلص من الحرارة كليا ونقضي بعض الوقت في قلب الجليد!
سنقوم برحلة إلى قطب الأرض الشمالي، مكان مليء بالغموض؛ أثار خيال العلماء، واستفز ثقة المغامرين، وملأ البشر فضولا ولهفة لتجربة الحياة عشرات الدرجات تحت الصفر، في قلب صحراء متجمدة، في آخر حدود الأرض!
القطب الشمالي مكان خرافيّ حقا، فماذا تعرف عنه؟
# القطب الشمالي هو نقطة تقاطع محور الدوران الوهمي مع سطح الأرض في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. يقع في المحيط المتجمد الشمالي وهو أعلى نقطة كوكبنا الأزرق.
# القطب الشمالي هو ثاني أبرد منطقة في الكرة الأرضية (بعد القطب الجنوبي). درجة حرارته تتراوح بين -43 درجة مئوية و0 درجة مئوية، مما يضمن دوام الجليد البحري الذي يتراوح سمكه بين مِترَين وأربعة أمتار.
# تلتقي في القطب الشمالي كما في القطب الجنوبي جميع خطوط الطول والمناطق الزمنية، وبالتالي فإن القطبين الشمالي والجنوبي لا يتبعان أي منطقة زمنية معينة ويطبق بالنسبة لهما التوقيت العالمي.
# قرب هذه المنطقة يقع ”القطب المغناطيسي الشمالي” للكرة الأرضية حيث تتجه إبرة البوصلة.
# تشرق الشمس وتغرب في القطب الشمالي مرة واحدة فقط في السنة وبالتالي كل من النهار والليل يدوم ستة أشهر متواصلة!
# أول رحلة استكشافية مؤكدة للقطب الشمالي قام بها النرويجي رولد أموندسن والإيطالي أومبرتو نوبيل على متن المنطاد في 12 ماي 1926.
الحياة تحت الدرجة الصفر
قد يتصور البعض أن الحياة ستكون غاية في الملل: وحيدٌ وسط اللامكان، صقيع الجليد يعضّ أطرافك، تعيش نصف سنة من الليل… بالطبع، لن تعتاد على البرد بسهولة، ولكنك بالتأكيد لن تشعر لا بالوحدة ولا بالملل D: لن ترضَ الدّببة بذلك أبدًا!
توجد أنواع كثيرة من الحيوانات التي تملك القدرة على الحياة في الظروف المناخية الصعبة للقطب الشمالي:
الثدييات: أصدقاؤنا الدّببة، الفقمات، الذئاب القطبية والثعالب القطبية… إلخ.
الطيور: درسة الثلج، الفولمار الشمالي والنورس أسود الساق… إلخ.
الأسماك: شوهدت بعض الأنواع في مياه القطب الشمالي، ولكن هي على الأرجح قليلة العدد.
وإن تمشّيت قليلا ستجد البشر!
من المؤكد أنك شاهدت فيلمًا يتحدث عن قبائل الإسكيمو، هم لا يعيشون في القطب الشمالي بالتحديد ولكن في المناطق المجاورة له، مثل: الطرف الشمالي الشرقي لسيبريا، وجزر بحر بيرنج، وجزء رئيسي من المناطق الساحلية من ألاسكا، والساحل الشمالي لكندا وكثير من الجزر الشمالية الكندية، ومعظم الساحل الغربي وجزء من الساحل الشرقي لجرينلاند.
تنقسم قبائل الإسكيمو إلى قبيلتين أساسيتين: اليوبيك والإينْويت، ولقد تمكنت من التكيف مع بيئتها بصورة مدهشة فقامت باستغلال مواردها أمثلَ استغلالٍ وأنشأت لنفسها حياة أساسُها ما تجود به الطبيعة الأم. فالإسكيمو يعيشون على الصيد برًّا (الدببة القطبية والوعول)، ويصطادون بحرًا باستخدام قوارب الكاياك. ويستخدم الإسكيمو جلود الحيوانات التي يصطادونها في صنع ملابسهم وبيوتهم الصيفية، أما في فصل الشتاء فيبنون بيوتهم من مكعبات جليديّة. أما تنقلاتهم ورحلاتهم فتتمّ بواسطة زلاجات يجرها عدد من الكلاب.
تتميّز هذه القبائل بثقافة خاصة فأفرادها يؤمنون بوجود امكانية التواصل بين البشر وأرواح الطبيعة، أرواح المرضى والأموات، روح الجنين وكذلك الآلهة، وذلك لمعالجة المرضى والسيطرة على الأحداث، ويقومون بنحت أقنعة خشبية لتمثيل كلٍّ من هذه الأرواح.
يعتبر “الطوطم” من رموز هذا الاعتقاد، وهو مجسم مقدّس يمثّل شعار عائلة، قبيلة، أو أي تجمّع بشري آخر، ويعبّر عن قوّته ومكانته.
“رقصة الأرواح” للمزيد من المتعة!
لها أسماء كثيرة: “رقصة الأرواح”، “آلهة الفجر” ولكن أشهرها “الشفق القطبي” وهي ظاهرة ضوئية تُميّزها أغشية ذات ألوان زاهية تتشكل في سماء الليل المظلمة في القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية، وينتج الشفق القطبي عن تفاعل الرياح الشمسية مع المجال المغناطيسي للأرض.
اتخذه العديد من العلماء موضوعا مثيرا للبحث، وعدّه الناس قديما وحديثا لغزا غامضا، وحكت عنه قبائل الإسكيمو الخرافات والأساطير، وهو من أجمل ما على هذه الأرض.
تجربة فريدة
كل من حالفه الحظ ليضع قدميه فوق السطح المتجمد لا يحلم إلا بالعودة! “أرض الجليد الذي لا يذوب” تملك بدون شك الكثير مما يُغري الانسان لإفساح المجال لروحه المغامِرة والانطلاق: الطبيعة العذراء الشّرسة، سماء الليل خرافية الجمال، التجارب اليومية الجديدة… أما بالنسبة للذين يفضلون التأمل في هدوء، فالقطب هو بالتحديد ما يلزمكم لقضاء بعض الوقت الثمين بعيدا عن ضوضاء القرن الواحد والعشرين
ليست هناك تعليقات على : القطب الشمالي: ما لا تعرفه عن هذا العالم الغامض الساحر
أضف تعليق: تذكر قوله تعالى: (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))